دار العميان

01.02.2023 מאת: محمد الدولتلي
دار العميان

 

قصة قصيرة
 

دار العميان
 

أسبل الليل وشاحه الأسود على السماء، هذا هو الوقت المنتظر من مئات السنين.
 

 

تحرك بخطوات خرساء تدرب طوال عمره عليها حتى وقف أمام الدار العتيق، ذلك الدار الذي يعلم به طريق التائهين وعابري السبيل.
 

 

نظر بقلب تشرب من سواد الأحقاد القديمة التي نبتت وجرت في عروق أسلافه الي جدرانه المهيبة هازمة الزمن، كل حجر فيها يحكي صدق السنوات ويفضح كذبات  المؤرخين الذين تلاقت رغبتهم معه فتتكسر أمام صلابتة وتستحيل رمادا تبعثره الرياح.
 

 

دخل إلى الدار كما الهواء حتى حل بين الورثة مفتوحين الأعين بلا بصر فيها جالسين على مائدة طعامهم الغنية بالخيرات، سحب أصناف الطعام من أمامهم مستبدلا إياها بألوان من القمامة التي أحضرها معه من خرابات الدنيا مقنعا ألسنتهم بلذة طعمها البشع و أنوفهم  بزكاة رائحتها العطنة.
التفت باحثا عن أخيهم الأصغر الذي لم يجد له كرسيا على المائدة، وجده منزويا في ظل المكتبة العتيقة التي علا التراب أركانها ولبست ثوبا من خيوط العنكبوت المهترئة، بيده كتاب أسلافه القديم مزينا إياه بآثار مسحة يده الصغيرة التراب الذي علا جلده الأصيل.

 


إهتز قلبه من نظرة الصغير المرعبة كاشفة نوايا قلبه الخبيث.
 

 

استشعر خطر صوته الذي سيهدم خطط أسلافه المخلوقين من طين الأرض الخبيث.

 


لابد من جلبة تغطي ذلك الصوت القوي، سحب بعض القمامة من أفواه بعض الأخوة واضعا إياها في أفواه آخرين، ثم صرخ صرخة فجرت صيحات التلاسن بينهم ، وقفوا ولم يهتموا بالسؤال عن مصدر السكاكين التي وضعت بأيديهم، بدأوا طعن الهواء وأجساد بعضهم بغوغائية غريبة عن طبائعهم ذات الجذور العميقة في الأرض.

 


غطت أصواتهم صوت صيحات وتوسلات الأخ الأصغر، بحركة شيطانية لمس نصال الأخوة لمسات بسيطة موجها إياها نحوه لتشق جميعا أوردته وكتاب الأسلاف.

 


خروا جميعا صرعي على الأرض الخالية من الأثاث القيم الذي تسلل أثناء شجارهم الي خارج الدار، غطت أجسادهم دمائهم التي تفجرت من عروق صريعهم الأصغر الهزيلة.

 


وقف بين الجثث الصريعة ناظرا الي سقف العالي.

 


لم يبقى إلا الجزء الهين من المهمة.

 


بقى هدم جدران الدار. 
 

 

 

آمال ابو فارس المربية الاديبة والشاعرة, المسؤولة عن زاوية المنتدى الثقافي. يمكنكم الاتصال بها  Amlabo@walla.com او على هاتف 0549026108

 

תגובות

מומלצים

\